دعوة للتوازن
لعل من أصدق ما قال الشعراء قولهم:
وعين الرضا عن كل عيب كليلة
كما أن عين السخط تبدي المساويا
كثيرون من يصدق عليهم هذا الكلام ..
فعين الحب وروح الانتماء وثقافة الولاء تغمض الجفن عند كل خطأ
وتتحول لعين ناقد بصير لا يبقي ولا يذر عندما تكره ..
لماذا لا نحب العدل ونستثقل الصدق ولا نميل مع الحق عندما نكره !!
أهو طبع وسجية أم هو مرض وعدم اتزان؟
تحتاج عقولنا لمزيد من التجرد ومزيج من التجربة والتقويم
حتى تعتاد السيطرة على العقل والقلب معاً..
وحتى لا نظلم.
الإنسان من طبعه الخطأ ومن تمام إنسانيته الاعتراف بالخطأ ..
والإنسان من طبعه الحب والكره ولكن من تمام إنسانيته إعطاء الحب والكره لمن يستحق.
إن عواطفنا تدفعنا أحياناً لما تراه عقولنا قبيحاً تحت ستار الحب والكره ..
وأسوأ ما ينتج عن ذلك خلل في ميزان الأخلاق وإخلال في توصيف الواقع.
إن مظاهر التهويل أو التهوين من الآخرين وأفعالهم ترجع في غالبها لمجرد موقعهم من الحب والكره لدينا.
مشهد:
كثيراً ما يتكرر الحديث حول شخصيات بعينها لها وعليها
وتلوكها الألسن مدحاً وقدحاً حسب موقعها في الجملة الحزبية أو الفكرية!
خذ مثلاً :علي محسن وحميد الأحمر وتوكل كرمان ..
لايزال كتاب ومثقفون لا يفوتون التهكم عليهم والنيل منهم وجعلهم على رأس أجندتهم لأتفه الأخبار ..
ليس لشيئ إلا لأنهم لم يميلوا معهم ولم يؤولوا لهم!
ولو كانوا معهم لنصبوا لعلي محسن تمثالاً ولخلدوه بالقصائد !..
ولكتبوا عن حميد وعن قدرة اليمني على دمج القبلي والمدني في قالب واحد!..
ولجعلوا من توكل قديسة تتبرك بها الأجيال !!
لم يحل بينهم وبين فعل ذلك إلا عدم قدرتهم على التوحد مع الآخر أو احتواءه
أو تقبلهم لاختلاف وجهات النظر وحسن توجيهها..
أو ضعف رؤيتهم لمستقبل يتسع للجميع ويتنازل فيه المخلصون عن حظوظ أنفسهم لأجل الوطن.
عندما نتغلب على ذواتنا ونحسن صناعة علاقاتنا ونتقبل الآخر كماهو
متجاوزين الوقوف على الجروح أو ترجيع الأوجاع أو النظر بعين واحدة.
سنحب ونكره بحرية ..